الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»
.تفسير الآية رقم (1): {الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (1)}قوله تعالى: {الر} قال النحاس: قرئ على أبي جعفر أحمد بن شعيب بن علي ابن الحسين بن حريث قال: أخبرنا علي بن الحسين عن أبيه عن يزيد أن عكرمة حدثه عن ابن عباس: الر، وحم، ونون حروف الرحمن مفرقة، فحدثت به الأعمش فقال: عندك أشباه هذا ولا تخبرني به؟. وعن ابن عباس أيضا قال: معنى {الر} أنا الله أرى. قال النحاس: ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا القول، لان سيبويه قد حكى مثله عن العرب وأنشد:وقال الحسن وعكرمة: {الر} قسم.وقال سعيد عن قتادة: {الر} اسم السورة، قال: وكذلك كل هجاء في القرآن.وقال مجاهد: هي فواتح السور.وقال محمد بن يزيد: هي تنبيه، وكذا حروف التهجي. وقرى {الر} من غير إمالة. وقرى بالامالة لئلا تشبه ما ولا من الحروف.قوله تعالى: {تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ} ابتداء وخبر، أي تلك التي جرى ذكرها آيات الكتاب الحكيم. قال مجاهد وقتادة: أراد التوراة والإنجيل والكتب المتقدمة، فإن {تِلْكَ} إشارة إلى غائب مؤنث.وقيل: {تِلْكَ} بمعنى هذه، أي هذه آيات الكتاب الحكيم. ومنه قول الأعشى: أي هذه خيلي. والمراد القرآن وهو أولى بالصواب، لأنه لم يجر للكتب المتقدمة ذكر، ولان {الْحَكِيمِ} من نعت القرآن. دليله قوله تعالى: {الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ} [هود: 1] وقد تقدم هذا المعنى في أول سورة البقرة. والحكيم: المحكم بالحلال والحرام والحدود والأحكام، قاله أبو عبيدة وغيره.وقيل: الحكيم بمعنى الحاكم، أي إنه حاكم بالحلال والحرام، وحاكم بين الناس بالحق، فعيل بمعنى فاعل. دليله قوله: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213].وقيل: الحكيم بمعنى المحكوم فيه، أي حكم الله فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وحكم فيه بالنهي عن الفحشاء والمنكر، وبالجنة لمن أطاعه وبالنار لمن عصاه، فهو فعيل بمعنى المفعول، قاله الحسن وغيره.وقال مقاتل: الحكيم بمعنى المحكم من الباطل لا كذب فيه ولا اختلاف، فعيل بمعنى مفعل، كقول الأعشى يذكر قصيدته التي قالها: .تفسير الآية رقم (2): {أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (2)}قوله تعالى: {أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً} استفهام معناه التقرير والتوبيخ. و{عَجَباً} خبر كان، واسمها {أَنْ أَوْحَيْنا} وهو في موضع رفع، أي كان إيحاؤنا عجبا للناس.وفي قراءة عبد الله {عجب} على أنه اسم كان. والخبر {أَنْ أَوْحَيْنا}. {إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ} قرئ {رجل} بإسكان الجيم. وسبب النزول فيما روي عن ابن عباس أن الكفار قالوا لما بعث محمد: إن الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا. وقالوا: ما وجد الله من يرسله إلا يتيم أبي طالب، فنزلت: {أَكانَ لِلنَّاسِ} يعني أهل مكة {عَجَباً}.وقيل: إنما تعجبوا من ذكر البعث. قوله تعالى: {أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا} في موضع نصب بإسقاط الخافض، أي بأن أنذر الناس، وكذا {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ}. وقد تقدم معنى النذارة والبشارة وغير ذلك من ألفاظ الآية. واختلف في معنى {قَدَمَ صِدْقٍ} فقال ابن عباس: قدم صدق منزل صدق، دليله قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} [الاسراء: 80]. وعنه أيضا أجرا حسنا بما قدموا من أعمالهم. وعنه أيضا {قَدَمَ صِدْقٍ} سبق السعادة في الذكر الأول، وقاله مجاهد. الزجاج: درجة عالية. قال ذو الرمة:قتادة: سلف صدق. الربيع: ثواب صدق. عطاء: مقام صدق. يمان: إيمان صدق.وقيل: دعوة الملائكة.وقيل: ولد صالح قدموه. الماوردي: أن يوافق صدق الطاعة صدق الجزاء.وقال الحسن وقتادة أيضا: هو محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه شفيع مطاع يتقد مهم، كما قال: «أنا فرطكم على الحوض». وقد سئل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «هي شفاعتي توسلون بي إلى ربكم».وقال الترمذي الحكيم: قدمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المقام المحمود. وعن الحسن أيضا: مصيبتهم في النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال عبد العزيز بن يحيى: {قَدَمَ صِدْقٍ} قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101].وقال مقاتل: أعمالا قدموها، واختاره الطبري. قال الوضاح: وقيل: هو تقديم الله هذه الامة في الحشر من القبر وفي إدخال الجنة. كما قال: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق». وحقيقته أنه كناية عن السعي في العمل الصالح، فكنى عنه بالقدم كما يكنى عن الأنعام باليد وعن الثناء باللسان. وأنشد حسان: يريد السابقة بإخلاص الطاعة، والله أعلم.وقال أبو عبيدة والكسائي: كل سابق من خير أو شر فهو عند العرب قدم، يقال: لفلان قدم في الإسلام، له عندي قدم صدق وقدم شر وقدم خير. وهو مؤنث وقد يذكر، يقال: قدم حسن وقدم صالحة.وقال ابن الاعرابي: القدم التقدم في الشرف، قال العجاج: وفي الصحاح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «لي خمسة أسماء. أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب» يريد آخر الأنبياء، كما قال تعالى: {وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40]. قوله تعالى: {قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ} قرأ ابن محيصن وابن كثير والكوفيون عاصم وحمزة والكسائي وخلف والأعمش {لَساحِرٌ} نعتا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقرأ الباقون {لسحر} نعتا للقرآن وقد تقدم معنى السحر في البقرة. .تفسير الآية رقم (3): {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (3)}قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} تقدم في الأعراف. {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} قال مجاهد: يقضيه ويقدره وحده. ابن عباس: لا يشركه في تدبير خلقه أحد.وقيل: يبعث بالأمر.وقيل: ينزل به.وقيل: يأمر به ويمضيه، والمعنى متقارب. فجبريل للوحي، وميكائيل للقطر، وإسرافيل للصور، وعزرائيل للقبض. وحقيقته تنزيل الأمور في مراتبها على أحكام عواقبها، واشتقاقه من الدبر. والامر اسم لجنس الأمور. {ما مِنْ شَفِيعٍ} في موضع رفع، والمعنى ما شفيع {إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} وقد تقدم في البقرة معنى الشفاعة. فلا يشفع أحد نبي ولا غيره إلا بإذنه سبحانه، وهذا رد على الكفار في قولهم فيما عبدوه من دون الله: {هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18] فأعلمهم الله أن أحدا لا يشفع لاحد إلا بإذنه، فكيف بشفاعة أصنام لا تعقل. قوله تعالى: {ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ}أي ذلكم الذي فعل هذه الأشياء من خلق السموات والأرض هو ربكم لا رب لكم غيره. {فَاعْبُدُوهُ} أي وحدوه وأخلصوا له العبادة. {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} أي أنها مخلوقاته فتستدلوا بها عليه..تفسير الآية رقم (4): {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (4)}قوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} رفع بالابتداء. {جَمِيعاً} نصب على الحال. ومعنى الرجوع إلى الله الرجوع إلى أجزائه. {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا} مصدران، أي وعد الله ذلك وعدا وحققه {حَقًّا} صدقا لا خلف فيه. وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة {وعد الله حق} على الاستئناف.قوله تعالى: {إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ} أي من التراب. {ثُمَّ يُعِيدُهُ} إليه. مجاهد: ينشئه ثم يميته ثم يحييه للبعث، أو ينشئه من الماء ثم يعيده من حال إلى حال. وقرأ يزيد بن القعقاع {إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ} تكون {أن} في موضع نصب، أي وعدكم أنه يبدأ الخلق. ويجوز أن يكون التقدير لأنه يبدأ الخلق، كما يقال: لبيك إن الحمد والنعمة لك، والكسر أجود. وأجاز الفراء أن تكون {أن} في موضع رفع فتكون اسما. قال أحمد بن يحيى: يكون التقدير حقا إبداؤه الخلق. قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ} أي بالعدل. {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ} أي ماء حار قد انتهى حره، والحميمة مثله. يقال: حممت الماء أحمه فهو حميم، أي محموم، فعيل بمعنى مفعول. وكل مسخن عند العرب فهو حميم. {وَعَذابٌ أَلِيمٌ} أي موجع، يخلص وجعه إلى قلوبهم. {بِما كانُوا يَكْفُرُونَ} أي بكفرهم، وكان معظم قريش يعترفون بأن الله خالقهم، فاحتج عليهم بهذا فقال: من قدر على الابتداء قدر على الإعادة بعد الإفناء أو بعد تفريق الاجزاء..تفسير الآية رقم (5): {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)}قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً} مفعولان، أي مضيئة، ولم يؤنث لأنه مصدر، أو ذات ضياء {وَالْقَمَرَ نُوراً} عطف، أي منيرا، أو ذا نور، فالضياء ما يضئ الأشياء، والنور ما يبين فيخفى لأنه من النار من أصل واحد. والضياء جمع ضوء، كالسياط والحياض جمع سوط وحوض. وقرأ قنبل عن ابن كثير {ضئاء} بهمز الياء ولا وجه له، لان ياءه كانت واوا مفتوحة وهي عين الفعل، أصلها ضواء فقلبت وجعلت ياء كما جعلت في الصيام والقيام. قال المهدوي: ومن قرأ ضئاء بالهمز فهو مقلوب، قدمت الهمزة التي بعد الالف فصارت قبل الالف ضئايا، ثم قلبت الياء همزة لوقوعها بعد ألف زائدة. وكذلك إن قدرت أن الياء حين تأخرت رجعت إلى الواو التي انقلبت عنها فإنها تقلب همزة أيضا فوزنه فلاع مقلوب من فعال. ويقال: إن الشمس والقمر تضيء وجوههما لأهل السموات السبع وظهورهما لأهل الأرضين السبع. قوله تعالى: {وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ} أي ذا منازل، أو قدر له منازل. ثم قيل: المعنى وقدرهما، فوحد إيجازا واختصارا، كما قال: {وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها}. وكما قال:وقيل: إن الاخبار عن القمر وحده، إذ به تحصى الشهور التي عليها العمل في المعاملات ونحوها، كما تقدم في البقرة.وفي سورة يس: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ} [يس: 39] أي على عدد الشهر، وهو ثمانية وعشرون منزلا. ويومان للنقصان والمحاق، وهناك يأتي بيانه. قوله تعالى: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ} قال ابن عباس: لو جعل شمسين، شمسا بالنهار وشمسا بالليل ليس فيهما ظلمة ولا ليل، لم يعلم عدد السنين وحساب الشهور. وواحد {السِّنِينَ} سنة، ومن العرب من يقول: سنوات في الجمع ومنهم من يقول: سنهات. والتصغير سنية وسنيهة. قوله تعالى: {ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} أي ما أراد الله عز وجل بخلق ذلك إلا الحكمة والصواب، وإظهارا لصنعته وحكمته، ودلالة على قدرته وعلمه، ولتجزى كل نفس بما كسبت، فهذا هو الحق. قوله تعالى: {يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} تفصيل الآيات تبيينها ليستدل بها على قدرته تعالى، لاختصاص الليل بظلامه والنهار بضيائه من غير استحقاق لهما ولا إيجاب، فيكون هذا لهم دليلا على أن ذلك بإرادة مريد. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص ويعقوب {يُفَصِّلُ} بالياء، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، لقوله من قبله: {ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} وبعده {وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} فيكون متبعا له. وقرأ ابن السميقع {تفصل} بضم التاء وفتح الصاد على الفعل المجهول، و{الآيات} رفعا. الباقون {نفصل} بالنون على التعظيم. .تفسير الآية رقم (6): {إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)}تقدم في البقرة وغيرها معناه، والحمد لله. وقد قيل: إن سبب نزولها أن أهل مكة سألوا آية فردهم إلى تأمل مصنوعاته والنظر فيها، قاله ابن عباس. {لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ} أي الشرك، فأما من أشرك ولم يستدل فليست الآية له آية..تفسير الآيات (7- 8): {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (7) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (8)}قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا} {يَرْجُونَ} يخافون، ومنه قول الشاعر:وقيل يرجون يطمعون، ومنه قول الآخر: فالرجاء يكون بمعنى الخوف والطمع، أي لا يخافون عقابا ولا يرجون ثوابا. وجعل لقاء العذاب والثواب لقاء لله تفخيما لهما.وقيل: يجري اللقاء على ظاهره، وهو الرؤية، أي لا يطمعون في رؤيتنا.وقال بعض العلماء: لا يقع الرجاء بمعنى الخوف إلا مع الجحد، كقوله تعالى: {ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً} [نوح: 13].وقال بعضهم: بل يقع بمعناه في كل موضع دل عليه المعنى. قوله تعالى: {وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا} أي رضوا بها عوضا من الآخرة فعملوا لها. {وَاطْمَأَنُّوا بِها} أي فرحوا بها وسكنوا إليها، واصل اطمأن طأمن طمأنينة، فقدمت ميمه وزيدت نون وألف وصل، ذكره الغزنوي. {وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا} أي عن أدلتنا {غافِلُونَ} لا يعتبرون ولا يتفكرون. {أُولئِكَ مَأْواهُمُ} أي مثواهم ومقامهم. {النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} أي من الكفر والتكذيب.
|